كافي بوليتيكو يناقش مدونة الأخلاق البرلمانية ورهان تخليق المشهد السياسي بالمغرب

بثت حلقة جديدة من برنامج كافي بوليتيكو المنظم من طرف جمعية سمسم-مشاركة مواطنة بشراكة مع المعهد المغربي لتحليل السياسات النقاش حول موضوع “مدونة الأخلاق البرلمانية ورهان تخليق المشهد السياسي بالمغرب”، وذلك بمشاركة كل من النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، والنائبة البرلمانية فطيمة بن عزة عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، والأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بوجدة صالح أزحاف. 

 

تناولت الحلقة مضمون الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان المغربي، وتأطير العمل على تخليق الحياة البرلمانية، وعلاقة محاربة الفساد بتخليق الحياة البرلمانية والممارسة السياسية.

البرلمانية نعيمة الفتحاوي: تخليق العمل البرلماني يجب أن يسبقه تخليق للعمل الحزبي وللهيئات السياسية كلها

 

أكدت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي أن تخليق العمل البرلماني يجب أن يسبقه تخليق للعمل الحزبي وللهيئات السياسية كلها، موضحة أن تخليق الحياة البرلمانية لوحدها، بالأساس، غير كافية، لأنه لا بد من تخليق المسار الانتخابي برمته انطلاقا من اختيار وانتخاب أشخاص لشغل مناصب نيابية لا تحوم حولهم شبهة، ويتحقق فيهم مبدأ النزاهة والتعبير عن الإرادة الحرة.

 

واعتبرت النائبة البرلمانية أن إعداد مدونة الأخلاق البرلمانية يجب أن يشمل وضع آليات تُمكن من تنزيلها وتتبعها بشكل جيد، استجابة للدعوة الملكية وترجمة لمجموعة من المبادئ المتضمنة في عدد من النصوص القانونية. 

 

وتعليقا على متابعة عدد من البرلمانيين بقضايا فساد، قالت النائبة البرلمانية إن “حوالي 10 في المائة من النواب متابعين وهو وضع لا يليق بالبرلمانيين ويؤدي إلى فقدان الثقة لدى المواطن الذي ينتظر منهم الدفاع عن حقوقه وتشريع القوانين”.

 

ونبّهت النائبة البرلمانية إلى أن هذا “الوضع يخلق لدى المواطن شعورا بعدم جدوى البرلمان وبأن الحياة السياسية والانتخابية مجرد أمور شكلية، مما يؤديه نحو الانسحاب من الحياة السياسية”.

 

ونوّهت النائبة البرلمانية إلى أن المغرب من بين الدول المتقدمة في بناء المؤسسة التشريعية والذي حرص على التعددية السياسية وعلى إشراك المجتمع المدني وتحقيق الديمقراطية التشاركية، مسجلة أنها “كلها مكاسب يجب أن يلاحظها المواطن لدى الفاعل السياسي وبالأخص البرلماني”، والذي تبقى وظائفه مهمة جدا لاسيما الرقابية أو التشريعية أو من خلال الدبلوماسية البرلمانية. 

 

وتابعت النائبة البرلمانية أن عمل جميع المنتخبين ومختلف المؤسسات العمومية يجب أن تؤطره مدونة الأخلاق، مضيفة أن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في اختيار وترشيح النخب والمساهمة في هذا الإصلاح الذي يجب أن تصاحبه كذلك رغبة حقيقية في إخراج مجموعة من القوانين -ضمنها القانون الجنائي، وقانون الإثراء غير المشروع، وقانون احتلال الملك العمومي وقانون المعادن- إلى حيز الوجود. 

 

وسجلت النائبة البرلمانية أن تعديلات طالت 117 مادة من مدونة الأخلاق البرلمانية، وتمت إضافة 48 مادة جديدة، فيما تم حذف 10 مواد لعدم دستوريتها أو تكرارها، وبقيت 159 مادة بدون تغيير، موردة أن هذه التعديلات “ستشكل نقلة نوعية لتطوير عمل البرلمان مع بقية المؤسسات الدستورية”، وبموجبها تم “اقتراح تعيين مكتب المجلس عضوين أحدهما من المعارضة لمراقبة حسن تطبيق المدونة”. 

 

النائبة البرلمانية فطيمة بن عزة: لا يمكن إحداث مدونة لتخليق العمل النيابي في منأى عن مناقشة المنظومة القانونية ككل

 

اعتبرت النائبة البرلمانية فطيمة بن عزة، أنه “لا يمكن إحداث مدونة لتخليق العمل النيابي في منأى عن مناقشة المنظومة القانونية ككل، لاسيما مدونة الانتخابات”، مبرزة أن مجموعة من الخطب الملكية تحمل دلالات ورسائل فيما يخص الجدية في العمل وتحفيز المؤسسة التشريعية على العمل الجاد والمنتج.

 

وقالت إنه لابد أولا من تخليق الحياة العامة داخل الأحزاب التي تقدم التزكيات الحزبية، مشددة على أنه يجب اختيار أشخاص في المستوى النضالي المطلوب ولهم غيرة حقيقية على البلد، بدل  تزكية من له المال.

 

واعتبرت النائبة البرلمانية أن مسؤولية اختيار المنتخبين مشتركة كذلك بين الأحزاب والمواطن، موضحة أنه في غياب الدور التأطيري للأحزاب بشأن أخلاق المواطنة، لا يتم تمكين المواطن من حرية الاختيار.

 

وسجلت في هذا السياق وجود فجوة كبيرة بين المواطن والفاعل السياسي نتيجة غياب المصداقية والثقة وبروز نخب تسيء بذلك لعمل النائب البرلماني وتبخسه، مؤكدة أن مدونة الأخلاق البرلمانية يجب أن تتضمن آليات وإجراءات احترازية لمنع كل برلماني أو برلمانية تحوم حوله/ها شبهة (دخل السجن، متابع، موقوف..) من المشاركة في العمل البرلماني.

 

وأضافت النائبة البرلمانية أن الدورة الربيعية المقبلة ستعرف مناقشة قوانين مهمة مثل قانون المسطرة المدنية والقانون الجنائي وقانون مهنة المحاماة ومدونة الأسرة، متسائلة عن النخب التي ستدافع عن هذه الأوراش بجدية.

 

الأستاذ صالح أزحاف: الرسالة الملكية تحمل طموحا كبيرا يجب أن تترجمه الإرادة الحزبية والسياسية

 

من جهته، أكد الأستاذ الباحث صالح أزحاف أن الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان تحمل طموحا كبيرا، حيث دعا إلى خلق نموذج سياسي مغربي يراكم الإصلاحات الدستورية التي جاء بها دستور 2011. كما انتقد الأستاذ الباحث عدم توسيع البرلمان لدائرة النقاش حول مدونة السلوك البرلمانية، معتبرا أن المسألة لا تقتصر على مجلس النواب أو مجلس المستشارين. وأضاف أن المبادرة لا يمكن أن تكون فقط من طرف رئيس المجلس، وأن وضع المدونة يجب أن يكون بناء على الديمقراطية التشاركية، وذلك بمشاركة مختلف الأطياف.

 

واعتبر الأستاذ الجامعي أن تشخيص السلوك البرلماني لا يجب أن يتعلق فقط بمشهد اعتقال شخص أو شخصين، وإنما الأزمة أكبر من ذلك، خصوصا وأن قرارات المحكمة الدستورية أصبحت تستلهم من القاموس الجنائي، حيث ورد في القرارات المتعلقة بمنازعات الانتخابات التشريعية عبارات من قبيل “الاختطاف، التهديد، التزوير…”. وأضاف المتحدث أنه ينبغي تجاوز مرحلة التشخيص والانتقال إلى مرحلة تقديم الاقتراحات وأن من ضمن هذه الاقتراحات ضرورة وجود نخبة حقيقية داخل المجلسين، ذلك أن البرلمان أصبح أمام تحديات كبرى خصوصا فيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية والتفكير في القضايا المهمة والحساسة كالتغيرات المناخية وقضايا الهجرة التي أصبحت هي المواضيع التي تنشغل بها البرلمانات الدولية.

 

أما بخصوص مرجعية مدونة السلوك البرلمانية، اعتبر الأستاذ أنه لا يجب الارتهان فقط للإرادة الملكية. إذ لابد من إرادة حزبية وإرادة سياسية عامة. كما أكد وجود حاجة ماسة لمدونة لتخليق الحياة السياسية، ذلك أن تخليق الحياة البرلمانية رهين بتخليق الحياة السياسية والحزبية.

 

بدوره، اعتبر الأكاديمي أن المواطن يتحمل كذلك مسؤوليته إلى جانب الأحزاب السياسية داخل منظومة الفساد، موضحا أنه بالرغم من تدخل القضاء الدستوري لإثبات فساد انتخابي، يتم اختيار الأشخاص أنفسهم وإعادة انتخابهم من طرف المواطنين، داعيا المواطنين إلى تحمل مسؤوليتهم ومشددا على ضرورة إعادة وظيفة الأحزاب السياسية إلى الواجهة، والمتمثلة في تأطير المواطنين وليس استغلالهم خلال الفترات الانتخابية.

أحدث الأنشطة البرلمانية