أي دور للفعل الثقافي والعروض الفنية والانتاجات الأدبية، في التأثير على المجتمع المغربي وتعزيز القيم الجامعة وخلق الإنسية المغربية؟ هل ما زالت الثقافة والفنون والآداب قادرة على توليد تلك الطاقة التي تحرّر الإنسان وتعزز من تماسك المجتمع ويمنح الدولة الأدوات، البشرية والمادية، لتنزيل سياساتها وإحداث الأثر والنجاعة المنشودين؟ كيف يمكن للثقافة أن تساهم في رفع التحديات الكبرى والمعقدة التي تطرحها التحولات العلمية والتكنولوجية الكونية، من حيث القيم والاقتصاد والتنمية؟
أسئلة كبرى تطرحها الحلقة 12 من برنامج “كافي بوليتيكو"، في أولى حلقات سلسلة جلسات رمضانية، بهدف إغناء النقاش العمومي ومواكبة اهتمامات الجمهور وجعل السياسات العمومية تحت أضواء التقييم والتحليل والمساءلة. ويستضيف برنامج "كافي بوليتيكو” في هذه الحلقة، ضيوفا من مشارب ثقافية وفنية متنوعة، قاسمهم المشترك إلمامهم، كل من موقعه، بواقع وآفاق الفعل الثقافي والفني والأدبي في المغرب، ويتعلّق الأمر بكل من:
-السيدة أمينة فوزي زيزي: نائبة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال
-السيد ربيع القاطي: ممثل
-السيد محمد جليد: صحافي
-السيد ياسين الزاوي:مسرحي وأستاذ باحث في الفنون البصرية
يدير النقاش الصحفي يونس مسكين
ويأتي اختيار هذا الموضوع في سياق موسم الإنتاجات الفنية الرمضانية، الذي يعيد في كل سنة نقاش السياسات العمومية في المجال الثقافي إلى دائرة الأضواء. وإلى جانب مناقشة أدوار الفعل الثقافي والفني والأدبي في تأطير المجتمع المغربي والتأثير فيه، تثار أسئلة مدى مواكبة السياسات الثقافية للتحولات والإكراهات والتحديات التي يواجهها المغرب دولة ومجتمعا، وحول طريقة تدبير الشأن الثقافي والتصرف في المال العام، سواء منه الموجه لتسيير المرافق الثقافية وتصريف الاختيارات الجماعية سواء من خلال تمويل المؤسسات العمومية والرسمية أو الدعم الذي يقدّم لعدد من الأنشطة الثقافية، من سينما ومسرح وإعلام ونشر…
وازدادت حدة السؤال في ظل الجائحة العالمية “كوفيد 19"، حيث أبان الوضع الوبائي عن هشاشة المنظومة الثقافية، قانونيا ومؤسساتيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث كانت الفضاءات المخصصة للإنتاج والعرض الفني والفرجة الثقافية من بين الأكثر تضررا بقرارات الإغلاق الشامل والجزئي، إن لم تكن الأكثر تضررا على الإطلاق.
فشركات الإنتاج الفني وقسم كبير من جمعيات المجتمع المدني المختصة في التنشيط الثقافي وما يرتبط بهما من دورة اقتصادية وأنشطة موازية، علاوة على فضاءات التنشيط الثقافي الشعبي من ساحات وأسواق وفنون الشارع، كلها وجدت نفسها فجأة ومنذ أكثر من عام، في وضعية عطالة إجبارية.
لكن سؤالا عريضا يطرح نفسه، في المجال الثقافي كما باقي المجالات التي تضررت من آثار الجائحة: هل الفيروس التاجي هو سبب النكسة أم أنه كان مجرد عامل كشف وتعرية لواقع قائم أصلا؟ ألا تعتبر الثقافة نقطة هامشية في جدول أعمال صانعي السياسات ومتخذي القرار؟ ألم يتم ضم هذا القطاع في تركيبة الحكومة إلى كل من قطاعات الشباب والاتصال، ما يجعل أجندة الوزارة الوصية تزدحم لتضيّق على الفعل الثقافي وتجبره على التراجع في سلم الأولويات؟
وإذا كانت هزالة الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة، ومحدودية الأغلفة المالية المرصودة لصناديق الدعم بكل أنواعها، حقيقة قائمة، فإن سؤال النجاعة والفعالية يظل مطروحا.
هل تنتج الفعاليات الثقافية التي تحصل على هذا الدعم العمومين سواء منه المباشر أو عبر تمويل بعض الإنتاجات، الأثر المفترض فيه من حيث إغناء العرض الثقافي والرقي بالذوق العام والحفاظ على المشترك الثقافي الذي يعزز اللحمة الوطنية ويدفع نحو التقدم والتطوّر؟ ألم تقف عدد من التقارير الرسمية وغير الرسمية على ضعف العرض سواء في السينما أو المسرح أو النشر الأدبي أو الصحافة أو الموسيقى والغناء؟
التقرير الذي أنجزه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا، سجّل إضعاف قطاع الصناعات الثقافية وتعميق الوضعيّة غير المُسْتقرّة التي يعيشها الفنانون والعاملون في هذه القطاعات بسبب إغلاق مختلف المواقع الثقافية والفنية. وحذّر التقرير من أن اعتماد تدابير الحجر الصحي والتباعد ومنع تنظيم التظاهرات الثقافية والفنية، من شأنه أن تزيد من هشاشة القطاع الثقافي الذي يعيش على موارد غير مُستدامَة وضعيفة، مؤكدا أن الفنانين ومهنيي الثقافة هم من بين الفئات المهنية الأكثر هشاشة على الصّعيد الوطني، وذلك استناد إلى جلسات استماع نظمها المجلس شهر يوليوز الماضي.
لكن ماذا عن مسؤولية المثقف والفنان والمبدع في الوضعية التي آلت إليها الثقافة المغربية؟ أليس هناك نقد ذاتي ممكن وقسط من المسؤولية يتحمّله هذا الطرف، بالنظر إلى المستوى العام للإنتاجات الثقافية الفنية التي تعجز عن استقطاب الجمهور حينا، وتثير استياءه أحيانا أخرى؟
أفكار وتساؤلات من بين أخرى، سوف نتناولها في هذه الحلقة من برنامج "كافي بوليتيكو"، ليلة الجمعة 23 أبريل 2021، وذلك من خلال محاور كبرى تتعلّق بتاريخ الفعل الثقافي بالمغرب، ومدى مواكبة المشهد الثقافي للمستجدات التقنية والتكنولوجية وإمكانية التأثير والتغيير عن طريق الفن. كما سنتناول بالسؤال والنقاش فكرة النظام الثقافي الجديد، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية مساهمة الفنون في تغيير المجتمع نحو الأفضل.