أثار مقترح قانون تقدمت به المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، بخصوص مكانة وتطوير اللغة العربية في المجتمع المغربي، جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض، الفئة الأولى تعتبر أن لغة الضاد تحتاج إلى دعم من الدولة، والفئة الثانية ترفض ذلك، بدعوى أن المشروع يحاول التضييق على مكانة لغات أخرى خاصة الأمازيغية والفرنسية.
في هذا السياق، قالت الناشطة الأمازيغية، سعاد أوتريغيت “إن مقترح القانون هذا يمنح الهيمنة للغة العربية على حساب لغة أخرى نص عليها الدستور المغربي، وهي الأمازيغية، والتي جاء دستور 2011 ليعتبرها لغة رسمية مثلها مثل العربية”.
وأضافت أوتريغيت في السياق ذاته، أنه “في حال المصادقة على مقترح القانون، فإن ذلك يعني تبخيس مكانة لغات المغاربة الأخرى،
خصوصا الأمازيغية التي ينطق بها ملايين المواطنين”.
وينص مقترح القانون المعروض على البرلمان الذي تقدم به النواب البرلمانيون: عبد الله بووانو، وهو رئيس المجموعة، بالإضافة إلى باقي أعضاء المجموعة البرلمانية للعدالة والتنمية، على حماية اللغة العربية وتطويرها والمحافظة على سلامة اللغة العربية كتابة ونطقا، وصيانتها من كل التأثيرات الأجنبية، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، اقترحت المجموعة الانفتاح على الاتفاقيات
والمؤسسات الدولية التي تعنى بحماية اللغة العربية، وتساهم فيها مساهمة فعالة وإيجابية.
من أهداف هذا المقترح أيضا، إحداث معاهد متخصصة تهتم بتطوير اللغة العربية، وإدماجها في كل ميادين الحياة الثقافية والعلمية
والتقنية، إضافة إلى إلزامية تعليم الأطفال المغاربة اللغة العربية.
وأشار مقترح القانون إلى ضرورة سهر القنوات السمعية البصرية، العمومية والخاصة، على مراعاة سلامة استخدام اللغة العربية،
إضافة إلى ضرورة استخدام اللغة العربية في كل إشهار مكتوب أو مسموع أو سمعي بصري، وإلزامية استعمالها أيضا في البرامج والرسائل الإشهارية لشركات الاتصال.
وفي هذا الصدد، قال جمال كريمي بنشقرون وهو نائب برلماني سابق عن حزب التقدم والاشتراكية، وكان عضوا في لجنة التعليم والثقافة والاتصال إنه “إلى جانب الأمازيغية كلغة رسمية، نجد اللغة العربية هي الأخرى مؤطرة دستوريا والأمر يتعلق بالفصل الخامس من دستور 2011 للمملكة المغربية، هذا المكسب يتعزز بقوانين تنظيمية من خلال القانون التنظيمي لثقافات واللغات والقانون التنظيمي لترسيم اللغة الأمازيغية، وهذا تثبيت للغتين الرسميتين”.
وأضاف بنشقرون “بصفتي عضوا في لجنة التعليم والثقافة والاتصال (في الولاية التشريعية السابقة)، سبق أن توقفنا عند مقترح قانون يقضي بحماية وتطوير اللغة العربية، لكن لم يتم في نهاية المطاف تفعيله وتنزيله رسميا على أرض الواقع، إذ كانت هناك مناقشة عامة لهذا الموضوع وتم تأجيلها، خاصة كنا على مقربة نهاية الولاية التشريعية”.
واعتبر بنشقرون أن هذا القانون كان مرتبطا بقوانين أخرى، “كالقانون الإطار لمنظومة التربية والتعليم الذي يتحدث عن اللغة الرسمية ولغة التدريس في المملكة، إضافة إلى القوانين التنظيمية ذات الصلة والتي تلعب أدوارا استراتيجيةـ، خاصة فيما يتعلق بالمعهد المتخصص في التعريب والذي أصبح جزء لا يتجزأ من “المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية” باعتباره من المؤسسات القانونية المهمة التي تؤطر اللغة العربية واللغة الأمازيغية والثقافات من حولهما، في إطار الاحترام التام لما نص عليه الدستور والذي يؤكد على الاهتمام باللغتين الرسميتين، وضرورة الانفتاح على باقي اللغات الأجنبية الحية من أجل التنمية والمساهمة في خلق تكوين متكامل لدى الناشئة ولدى عموم المواطنين والمواطنات”.
إن حماية اللغة العربية الرسمية هي حماية للسيادة الوطنية، ويعد تدخل السياسي في الشأن اللغوي أمرا ضروريا لبناء هوية مغربية موحدة. فأغلب الدول العربية بدأت تعي خطورة الوضع اللغوي على أمنها الثقافي والسياسي، وبالتالي بدأت تفرض تشريعات لحماية لغتها الرسمية.
اعداد
هند دهنو – طالبة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال
يشارك هذا المقال في مسابقة أحسن مقال صحفي حول العمل البرلماني.
تنظيم جمعية سمسم- مشاركة مواطنة – مشروع نوابك للتواصل البرلماني.